هزيمةٌ للصليبيين على يدِ صلاح الدين الأيوبي

9 videos • 31 views • by Amr Rabea #amr_rabea #تاريخ #الجزائر #قصص #مصر #اكسبلور #السعودية #history #العراق #المغرب #اليمن الملك الناصر أبو المظفر صلاح الدين والدنيا يوسف بن أيوب بن شاذي بن مروان بن يعقوب الدُويني التكريتي، المشهور بلقب صلاح الدين الأيوبي، شخصية تاريخية فذة، وقائد عسكري عبقري، وسياسي محنك، حكم في فترة حاسمة من تاريخ المنطقة، وترك بصمات لا تُمحى على مسار الأحداث. يُعتبر صلاح الدين الأيوبي مؤسس الدولة الأيوبية التي وحّدت مصر والشام والحجاز وتهامة واليمن تحت الراية العباسية، بعد أن قضى على الدولة الفاطمية التي استمرت 262 سنة. نشأته وبداياته: وُلد صلاح الدين الأيوبي عام 1137 أو 1138م (532 هـ) في قلعة تكريت بالعراق، لعائلة كردية الأصل تنتمي إلى قبيلة الروادية. نشأ في بيئة عسكرية وسياسية، حيث كان والده نجم الدين أيوب حاكمًا لتكريت ثم أصبح لاحقًا واليًا على دمشق في خدمة نور الدين زنكي. تلقى صلاح الدين تربية جيدة وتعلم فنون القتال والفروسية، بالإضافة إلى العلوم الدينية والأدبية. صعود نجمه في خدمة نور الدين زنكي: بدأ صلاح الدين مسيرته العسكرية في خدمة نور الدين زنكي، حاكم حلب ودمشق، الذي كان يسعى لتوحيد الجبهة الإسلامية ضد الصليبيين. أظهر صلاح الدين شجاعة فائقة وقدرات قيادية مبكرة في الحملات العسكرية التي شارك فيها، مما جعله يكتسب ثقة نور الدين زنكي وتقديره. القضاء على الدولة الفاطمية وتوحيد مصر والشام: في عام 1169م، أرسل نور الدين زنكي صلاح الدين على رأس قوة عسكرية إلى مصر لمواجهة الغزو الصليبي. نجح صلاح الدين في مهمته ببراعة، وتمكن من صد الصليبيين وتثبيت أقدامه في مصر. بعد وفاة آخر الخلفاء الفاطميين، العاضد لدين الله، عام 1171م، أعلن صلاح الدين نهاية الدولة الفاطمية وإعادة مصر إلى الخلافة العباسية السنية. بعد وفاة نور الدين زنكي عام 1174م، ورث صلاح الدين حكم دمشق، ثم تمكن تدريجيًا من توحيد معظم بلاد الشام ومصر تحت سلطته، مؤسسًا بذلك الدولة الأيوبية القوية. جهاده ضد الصليبيين واستعادة القدس: كرّس صلاح الدين معظم فترة حكمه للجهاد ضد الصليبيين، الذين كانوا قد أسسوا لهم ممالك وإمارات في السواحل الشامية. قاد صلاح الدين العديد من الحملات العسكرية الناجحة ضدهم، وبلغت هذه الجهود ذروتها في معركة حطين عام 1187م، التي تُعتبر من أهم المعارك الفاصلة في تاريخ الحروب الصليبية. في معركة حطين، حقق صلاح الدين انتصارًا ساحقًا على الجيش الصليبي، وأسر عددًا كبيرًا من قادتهم، من بينهم ملك بيت المقدس غي دي لوزينيان. بعد هذا الانتصار، تمكن صلاح الدين من استعادة معظم المدن الساحلية، بما في ذلك عكا ويافا وبيروت، ثم توجه إلى القدس، التي فتحها بعد حصار قصير في 2 أكتوبر 1187م. صفات صلاح الدين وإنسانيته: لم يكن صلاح الدين مجرد قائد عسكري محنك، بل كان أيضًا إنسانًا يتمتع بأخلاق رفيعة وصفات نبيلة. عُرف عنه شجاعته وكرمه وعدله ورحمته حتى مع أعدائه. تجلى ذلك في معاملته للأسرى الصليبيين بعد معركة حطين، حيث سمح لهم بالعودة إلى ديارهم بعد دفع الفدية، وعفا عن الكثير منهم. كما سمح للمسيحيين بالحج إلى القدس بعد فتحها، وضمن لهم حرية العبادة. صلح الرملة ووفاته: بعد فتح القدس، قاد الصليبيون حملة صليبية ثالثة بقيادة ريتشارد قلب الأسد ملك إنجلترا، بهدف استعادة المدينة. دارت بين الطرفين معارك طاحنة لم تُفض إلى حسم قاطع، وانتهت بتوقيع صلح الرملة عام 1192م، الذي نص على بقاء القدس تحت سيطرة المسلمين، مع السماح للمسيحيين بالحج إليها. بعد توقيع الصلح بفترة قصيرة، مرض صلاح الدين مرضًا شديدًا، وتوفي في دمشق في 4 مارس 1193م (27 صفر 589 هـ)، عن عمر يناهز 55 عامًا. دُفن في دمشق، حيث يُوجد ضريحه حتى اليوم. إرث صلاح الدين وتأثيره: ترك صلاح الدين الأيوبي إرثًا عظيمًا وتأثيرًا عميقًا في التاريخ الإسلامي والعالمي. يُعتبر رمزًا للوحدة الإسلامية والجهاد في سبيل الحق والعدل. كما يُعدّ نموذجًا للقائد العسكري الفذ والإنسان النبيل الذي جمع بين الشجاعة والكرم والعدل والرحمة. تجاوزت شهرة صلاح الدين حدود العالم الإسلامي، حيث حظي بتقدير واحترام حتى في أوروبا، وأصبح شخصية أسطورية تُجسد الفروسية والشجاعة والإنسانية. في الختام، يُمكن القول إن صلاح الدين الأيوبي كان شخصية استثنائية بكل المقاييس، وقائدًا فذًا ترك بصمات لا تُمحى على صفحات التاريخ، وسيظل اسمه خالدًا كرمز للعزة والكرامة والعدل.